في عام ٢٠١٢ طرحت نيكون كامرتيها D800 و D800E، و قد أتت الأولى بفلتر Low pass قياسي، بينما أتت D800E بهذا الفلتر ملغياً. و كان الجانب التسويقي لهذا التطور الجديد ينصب على أن النسخة الجديدة التي من دون الفلتر ستقدم حدة و تفاصيل بدرجة غير مسبوقة في صورها.
و في عام ٢٠١٤م تخلت نيكون عن فلتر Low pass نهائياً، فأصدرت التحديث للكاميرتين السابقتين في صورة كاميرا واحدة هي D810، بل عممت هذه التجربة على جميع كاميراتها، فأصبحت جميع كاميراتها الحديثة تأتي بدون هذا الفلتر.
و بعد ذلك بعام حذت شركة كانون نفس حذو نيكون و لكن بطريقتها الخاصة، فأعلنت عن كاميرتها الاحترافية الجديدة ذات ال٥٠ ميجابكسل و ذلك في نسختين، و هما 5Ds التي تأتي بفلتر Low pass القياسي، أما الاصدار الآخر فهو 5Ds R التي تحتوي على طبقتين من هذا الفلتر، تلغي الطبقة الثانية أثر الأولى، فتحدث نتيجة مماثلة لإلغاء الفلتر.
الآن و بعد أن أصبح التخلي عن هذا الفلتر واقعاً معاشاً، لابد لنا أن تكون لدينا معلومات وافية عن هذا الفلتر و وظيفته، خصوصاً لمستخدمي الكانون، الذين قد يتوقف قرار شرائهم على هذا الأمر، و هذا بالضبط هو سبب كتابة هذا المقال.
ما هو فلتر Low pass؟ و ما هي وظيفته؟
معروف بأن الكاميرات الرقمية تستخدم شريحة سنسر لالتقاط الصورة، و هذا السنسر يحل محل الفيلم في الكاميرات الفيلمية، و لهذا السنسر مجموعة من الخصوصيات التي تميزه عن الفيلم في الكاميرات الفيلمية، و لذلك كان لابد من وضع طبقة من الفلترات أمام السنسر، كل فلتر له وظيفته، لكن ما يهمنها هو فلتر Low pass أو ما يسمى Anti alising filter.
السنسر الموجود في الكاميرات الرقمية، لا يستطيع التقاط الألوان، بل يقتصر التقاطه على تدرجات الأبيض و الأسود (الأحادي)، و لعل البعض منكم بدأ الآن بالتساؤل: إذن كيف تتمكن كل هذه الكاميرات من التصوير بالألوان؟
الجواب هو أن العلم ابتكر طريقة ذكية تمكن السنسر من تمييز الألوان، و هذه الطريقة تعتمد على فلتر يسمى Bayer Filter تستخدمه معظم شركات الكاميرات و من ضمنها كانون و نيكون، و هذا الفلتر(سنتحدث عنه في مقال قادم) رغم ابتكاريته، إلا أنه تسبب في خلق مشكلة، و هي أنه في حال كانت الصورة حادة جداً و تضمنت خطوطاً و أشكالاً دقيقة و متوازية و متقاربة، فإن الصورة ستعاني من مشكلتين هما moire و False colours.
مشكلة Moire هي عبارة عن ظهور خطوط و تشكيلات إضافية داخل الصورة في اماكن وجود التشكيلات الصغيرة كفتحات التكييف مثلاً، أم مشكلة False colours (أي الألوان الخاطئة) فتعني ظهور تدرج من الألوان الدخيلة على الصورة بشكل يشوه الصورة.
و لحل هذه المشكلة الجديدة، تم ابتكار فكرة فلتر Low pass، و تتلخص وظيفته في اعتراض اشعة الضوء القادمة من العدسة للسنسر، و تغيير تركيزها بشكل بسيط جداً بهدف تنعيم التفاصيل الدقيقة في الصورة بشكل بسيط جداً و التي قد تتسبب في ظهور مشكلتي moire و false colours.
هل يمكن الاستغناء عن فلتر Low pass؟
قامت شركة نيكون بالانتقال التدريجي وصولاً لكاميرا لا تحتوي هذا الفلتر، ففي البداية قامت بتجربة اصدار نسختين من كاميرتها D800، ثم استغنت عن الفلتر نهائياً في الموديل الأحدث D810، و جميع كاميرتها الأخرى من فئات المبتدئين و حتى الفئات العالية.
و لو لاحظنا الشركات المنافسة، فهي للتو تقوم بخطوة مشابهة لخطوة نيكون في D800. الموضوع هنا ليس موضوع أسبقية، فلكل شركة نظرتها، و نحن نعتقد أن كانون كانت تنظر أن تصل إلى دقة ميجابكسل عالية تبرر التخلي عن هذا الفلتر (بطريقة أو بأخرى)، بينما نيكون قد سبقت الكانون بالوصول إلى ٣٦ ميجابكسل أولاً.
قد يتساءل البعض عن علاقة هذا الفلتر بالميجابكسل. الجواب يمكن أن نقسمه على شقين: الشق الأول أنه بارتفاع دقة الميجابكسل تكبر التشكيلات الصغيرة و تتباعد الخطوط الدقيقة المتوازية في كثير من الأحيان، فنتخلص من المشكلتين اللتين ذكرناهما. أما الشق الثاني فكاميرات بدقة ٣٦ او ٥٠ ميجابكسل هي مصممة لمصورين محترفين، يحتاجون كل التفاصيل التي يمكن للسنسر توفيرها و يحسنون اختيار النسخة المناسبة من الكاميرا في حال توفرت نسختين منها (كما هو الحال مع كانون ٥دي اس).
في الاستخدام العملي فحتى مع الميجابكسل العالي الذي وصلت له الكاميرات الحديثة فمشكلة moire و false colour واردتان ، خصوصاً لمن يتضمن عمله تصوير مواضيع تتضمن تشكيلات دقيقة من الخطوط، كمصوري الأزياء، بينما قد يتفادى هذه المشاكل مصوروا المناظر الطبيعية. و لعل هذا السبب الذي جعل كانون تطرح كاميرتين ٥دي مؤخراً، حيث أن المستخدم المحترف قد لا يكون لديه مانع من اقتناء الاثنتين، و يستخدم كل واحدة متى ما كان مناسباً، على عكس غير المحترف الذي سيضطر الى الاختيار و التضحية بواحدة على حساب الأخرى، و نرى أن عامة المصورين سيكونون سعداء مع النسخة التي تأتي بالفلتر، فهي اقل حدة بفارق بسيط جداً، و يكاد لا يرى في احيان كثيرة، و في نفس الوقت لا يواجهون اي مشاكل في صورهم.
لماذا قامت نيكون بالتخلص من الفلتر في جميع كاميراتها؟
لم تذكر نيكون تفاصيل حول هذا الموضوع، و هي تتجنب الخوض في هذا المجال عندما تخاطب المبتدئين، و لكن الأكيد أن نيكون ترى أن المستخدمين المبتدئين غالباً لن يواجهوا مشاكل مع غياب الفلتر.
أما كانون فلهم نظرة مختلفة حول هذا الموضوع، ففي أحد اللقاءات التي اجريت مع كانون مع الاعلان عن 5Ds و 5Ds R، تم سؤالهم عن السر في طرح الشركات الأخرى كاميرات بفئات متنوعة بدون فلتر Low Pass بينما كانون لم تفعل ذلك، فكان جواب كانون بأنه السر يكمن في أن كانون تفترض ان كاميراتها ستخدم مع عدسات ممتازة، و هنا ستظهر المشكلة بوضوح، أما الشركات الأخرى الأخرى فتفكر بطريقة أخرى، و عند استخدام كاميرات تلك الشركات مع عدسات اقتصادية مصممة لكاميرات الكروب (مثل عموم عدسات ١٨-٥٥مم و ما شابهها) ، فإن هذه العدسات غير الحادة تؤدي وظيفة الفلتر بشكل غير مباشر. و لعل هذا الكلام صحيح، فموقع DXO عندما قام باختبار عدسة نيكون ١٨-١٠٥مم، وصل إلى نتيجة مفادها أن هذه العدسة عند استخدامها مع كاميرا نيكون بدقة ٢٤ميجابكسل، فإنها مقدار التفاصيل التي تعطيها لا تتجاوز ما يعادل ١٠ ميجابكسل فقط.
ما تقول نيكون عن المشاكل المحتملة للتخلي عن فلتر Low pass؟
عندما طرحت نيكون كاميرتيها المعروفتين D800 و D800E، أفردت نيكون في موقعها الأمريكي صفحة مخصصة لتثقيف المستخدمين حول وظيفة فلتر Low pass، مع النماذج و الصور التوضيحية تبين مميزات و عيوب الاستغناء عن هذا الفلتر، كما تذكر نيكون مجموعة من الحيل التي قد يستفيد منها المستخدم في الالتفاف على مشاكل غياب الفلتر، علماً بأن هذه الحيل قد لا تكون عملية لأغلب المستخدمين.
و نصحت نيكون في هذا المقال اغلب المستخدمين بالاتجاه إلى الموديل المزود بالفلتر (D800)، أما الفئة الصغيرة من المصورين المحترفين العاملين بكاميرات الميديام فورمات في مجال الاستوديو، و كذلك مصوري الحياة الصامتة، فنصحتهم بالموديل الآخر (D800E)، و عللت نيكون ذلك بأن مصوري الاستوديو المحترفين ستكون لديهم سيطرة كاملة على الإضاءة و فتحة العدسة و المسافة و حتى الموديل نفسه، لدرجة يستطيعون معها تلافي مسببات ظهور مشاكل في الصورة. و كونهم تعاملوا مع كاميرات ميديام فورمات و هي خالية من الفلتر، يعطيهم الخبرة اللازمة للتعامل مع ذلك، كما أنهم يعلمون تماماً الجهد و الوقت الإضافيين الذين يتطلبهما التعامل مع هذا النوع من الكاميرات.
وبالنسبة للحيل التي تقترحها نيكون للتخلص من مشاكل moire و false colour، فإن نيكون تلخصها في النقاط التالية:
- تغيير زاوية التصوير قليلاً.
- تغيير نقطة الفوكس لتقليل حدة الأماكن التي تظهر فيها المشاكل.
- تغيير العدسة او البعد البؤري.
- تضييق الفتحة بمعدل ثلاث وقفات، مما يعني التصوير على فتحات تتراوح بين ٥.٦ و ٨.٠.
- التصوير بصيغة RAW (في النيكون يكون امتداد الملف NEF)، و من ثم استعمال برامج نيكون للتقليل من مشاكل الصورة.
هل اشتري كاميرا بفلتر Low pass أم بدونه؟
إذا كنت من مستخدمي النيكون فلن يكون لديك الخيار، فجميع كاميرات نيكون الحالية تأتي من دون هذا الفلتر. أما إن كنت من مستخدمي الكانون فجميع كاميراتها تأتي بالفلتر ما عدا احدث كاميراتها و نعني بها 5DS و 5Ds R، فالأولى تأتي بالفلتر، بينما تم إلغاء أثر الفلتر في الثانية.
و قد لاحظت أن الكثير من المستخدمين في وسائل التواصل الاجتماعي، يتمنى الحصول على النسخة الثانية من الكاميرا بدعوى أنها ستعطيك حدة اكبر في الصور، كما لاحظت أن هذه الفكرة منتشرة في النقاشات التقنية لعامة المصورين، و هذا الكلام غير دقيق تماماً.
الكاميرات التي تأتي من دون هذا الفلتر ستقدم بلاشك تفاصل أكثر في الصورة، لكن قد لا تكون هذه الزيادة في التفاصيل ملحوظة في كل صورة. في المقابل فإن هناك احتمالية لحصول مشاكل الموريه (moire) و الألوان الخاطئة (False colour) في مواقف معينة وضحناها آنفاً.
كاميرا بميجابكسل عالي مثل كاميرات نيكون d810 و كانون 5ds سيستفيد منها مصورو الاستوديو و المناظر الطبيعية على وجه الخصوص، فبيئة الاستوديو سيصعب العمل فيها بكاميرا بدون فلتر Low pass من غير مواجهة مشاكل في الصورة، أما المناظر الطبيعية حيث الألوان المتجانسة و ندرة وجود التشكيلات الدقيقة فالمشكلة شبه منعدمة.
لذلك نرى أن الكاميرا التي تأتي بالفلتر هي الأصلح لأغلب المستخدمين، حيث ستقدمين لهم تفاصيل عالية مع تجنيبهم لمشاكل في الصور هم في غنى عنها، أما للمستخدمين المحترفين ممن تسعفهم امكانياتهم الجمع بين اكثر من كاميرا و تخصيص كل كاميرا لاستخدام معين، فإن من المجدي أن يمتلكوا كاميرا بدون فلتر Low pass ليستخدموها وقت ما يحتاجون الحصول على التفاصيل القصوى عندما تخلو المشاهد التي يودون تصويرها من اي تشكيلات دقيقة، أو عندما يكون خيارهم هو الحصول على أكبر مقدار من التفاصيل مع معالجة المشاكل في صورهم ببرامج المعالجة الرقمية.