قراءة تحليلية لمستقبل ال٥دي

في معظم الفترات كان لكانون السبق على حساب باقي الشركات في الميجابكسل، إلا أن باقي الشركات في الفترة الأخيرة استغلت فترة إعادة صياغة الكانون لخطوط كاميراتها الاحترافية (تكلمنا عن هذا في مقالات سابقة)، لتقفز إلى المقدمة في هذا الميدان.

في السابق كانت كاميرا كانون ١دي إس هي المخصصة للدقة العالية، و كان ذلك حتى طرح الاصدار الثاني من ال٥دي، حينها بدأت كانون في التغيير التدريجي، فالميجابكسل العالي يستهوي بشكل خاص فئتين رئيسيتين من المستخدمين: مصوري الاستوديو و مصوري المناظر الطبيعية، و الفئة الأخيرة من المستخدمين قد لا تفيدهم المسكة المدمجة بل تثقل كواهلهم عند تنقلهم بدون أن تكون لذلك ضرورة في كثير من الأحيان، لذا كان من الأفضل أن تكون الكاميرا المخصصة لهذا الاستخدام بدون مسكة مدمجة، و هذا تماماً ما ينطبق على فئة ال٥دي، التي تأتي بحجم مدمج مقارنة بفئة ال١دي، مع إمكانية إضفة المسكة الإضافية (البتري قريب) في أي وقت عند الحاجة.

و عندما أصدرت الكانون ال٥دي مارك٢ بدقة ٢١ ميجابكسل، أصبح الوضع مهيئاً لإيقاف انتاج الكانون ١دي إس، التي تملك نفس الدقة تقريباً، و كانت النتيجة أن جعلت الكانون كاميرتها ال١دي في إصدارها الأخير (١دي إكس) كاميرا رياضية بحتة مع إيقاف ال١دي إس، فأصبحت ال٥دي فعلياً هي بديل ال١دي إس، و كانت الخطوة التالية تحتم تعزيز ذلك برفع دقة ال٥دي من جديد لتعود على خط المنافسة مع مثيلاتها من نيكون تحديداً.

كما وضحنا منذ قليل فإن الوقت قد حان لإصدار الموديل الجديد من ال٥دي، و مع استمرار نيكون في الاستحواذ على الصدارة في مجال الميجابكسل (بفضل سنسرات سوني المميزة)، فإن المقابلات الأخيرة لمسؤولي شركة كانون أصبحت تحمل الكثير من التلميحات، كلها تصب في أن عودة الكانون للميجابكسل العالي و بقوة بات وشيكاً، خصوصاً و أنها لا تملك كاميرا ميديام فورمات تخاف عليها. و المرجح هو أن هذه الخطوة ستشعل فتيل الحرب بين الشركات، و قد نرى  منافسة محتدمة من باقي المنافسين في وقت غير طويل.

عندما تفكر أي شركة بمستوى الكانون في رفع الميجابكسل لكاميرا ما، فلا شك بأنها تتصادم مع تحديين كبيرين. هذان التحديان هما:

التشويش (Noise) :  رفع الميجابكسل مع نفس مساحة السنسر يعني تصغير البكسلات التي وظيفتها جمع الضوء، و كلما صغرت البكسلات قلت قدرتها على جمع الضوء، و هذا ينتج لنا مشكلة التشويش في الصورة، أو ما يسميه المصورون بالتسمية الإنجليزية (نويز).

التأثير على التصوير المتتابع: لتتمكن كاميرا مثل ال٧دي مارك٢ من تصوير ١٠ صور في الثانية، فإنها تحتاج إلى توفير متطلبين إثنين لا غنى عنهما: الأول أن الكاميرا يجب أن تملك وحدة غالق (شتر) قادرة على تحقيق هذه السرعة و الثبات عليها، و هو شيء تمكنت كانون من تحقيقه، بل تخطته إلى ١٤ صورة في الثانية في ال١دي اكس (من دون الفوكس)، و المتطلب الثاني، و هو الأصعب هو توفير المعالج القادر على معالجة الصور الناتجة من السنسر بسرعة توازي سرعة الشتر بحيث لا يشكل المعالج عنق الزجاجة في هذه العملية. و لعل الموضوع يصعب أكثر فأكثر بارتفاع الميجابكسل، لأن ذلك يسهم في زيادة الضغط الحاصل على المعالج، و لهذا نرى أن الكاميرات ذات السرعات العالية للتصوير المتتابع كثيراً ما تكون دقة صورها أقل من  الموديلات الأخرى.

كم هي الدقة المحتملة لل٥دي  الجديدة؟ 

السؤال هو اذا اعتبرنا أن السنسر الذي تم طرحه في آخر كاميرات الكانون و هي ٧دي مارك ٢، أي أن دقة ٢٠.٢ ميجابكسل هي أفضل ما توصلت له الكانون في كاميرات السنسر المقطوع بنسبة ١.٦، و أن كانون أرادت تكرار نفس السنسر بنفس كثافة و حجم البكسلات و لكن بحجم الفل فريم، فكم ستكون دقته؟ واقعاً فإن سنسر الفل فريم أكبر من سنسر الكروب الخاص بالكانون بمقدار ٢.٥٦ مرة (حصلنا على هذا الرقم من تربيع معامل القطع و هو ١.٦). و بعملية حسابية بسيطة سوف نجد أن سنسر الفل فريم حسب آخر ما وصلت إليه الكانون سيكون بدقة ٥١.٧ ميجابكسل (٢٠.٢ ميجابكسل ضرب ٢.٥٦). و من هنا نجد أن ٥٠ ميجابكسل تقريباً هي دقة قابلة للتنفيذ بالنسبة للكانون في الوقت الحاضر، و هي مناسبة جداً لتضع كانون في المقدمة من جديد، بعيداً عن كاميرات ال٣٦ ميجابكسل المتوفرة حالياً، و التي يتوقع  تلحق بالكانون سريعاً و خلال وقت قصير.

و كما أسلفنا فإن الكاميرا المنتظرة ستكون موجهة بالدرجة الأولى لمصوري الاستوديو و المناظر الطبيعية، و بالتالي فلن يكون التشويش مصدر قلق لهم لأن استخدامهم سينحصر في مستويات الآيزو المنخفضة و المتوسطة في الغالب، ناهيك أن أداء السنسر الجديد في ال٧دي الجديدة أثبت نجاحه حتى في مستويات الآيزو العالية.

و تقول المواصفات المسربة في هذا الصدد بأن الكاميرا ستأتي بسرعات آيزو تترواح بين ١٠٠ و ٦٤٠٠، كما نتوقع أن تكون هناك إمكانية لفتح الآيزو للحصول على آيزو يبدأ من ٥٠ إلى ١٢٨٠٠ او حتى ٢٥٦٠٠، و مثل هذا الخيار متوفر في كاميرات الكانون منذ فترة غير قصيرة.

هناك نقطة أخرى يجب أن نذكرها هنا، و هي أننا لاحظنا في كاميرات كانون الكروب، خصوصاً في ال٧دي مارك ٢، أن  التقنية الجديدة لسنسرات الجديدة من كانون قد تحسنت في مجال الآيزو بمقدار يقل قليلاً عن وقفة واحدة (بدون أي معالجة للتشويش و ذلك في ملفات رو)، بينما تحصل الصورة على دفعة في جودة الآيزو تصل إلى وقفتين عندما تتم معالجة الصورة داخل الكاميرا و من ثم الحفظ كملف JPEG. لاحظنا أن الدفعة الأكبر في تحسين جودة الآيزو في السنسر الجديد تحصل في الآيزو العالي (فوق ٣٢٠٠)، و هذا شيء منطقي لكاميرا استخدامها مثل ٧دي. أما ال٥دي الجديدة فتوقعنا هو أن يكون التركيز في تحسين الآيزو على سرعات الآيزو المنخفضة بحكم أن مجال استخدام الكاميرا يجعل هذا التوجه أكثر فائدة، و ربما يكون هذا هو تفسير أن يتم حصر الآيزو الأصلي للكاميرا في حدود تبدو غير منطقية للبعض (١٠٠ – ٦٤٠٠)، فهذه الكاميرا ستكون موجهة لفئة تحرص على استخدام اقل آيزو ممكن.

ماذا عن التصوير المتتابع؟

أما موضوع التصوير المتتابع فقد يبدو لوهلة أن كاميرا تصور بدقة تصل إلى ٥٠ ميجابكسل قد يصعب عليها التصوير على سرعات تتجاوز الصورتين أو الثلاث في الثانية الواحدة، فتخطي ذلك يحتاج إلى معالج قوي. كاميرات كانون تستخدم سلسلة معالجات من إنتاجها (Digic) و آخر ما طرحته الشركة هو Digic 6. فهل هذا المعالج الجديد يمتلك من السرعة ما يكفي لتصوير و معالجة و تخزين ٥ صور في الثانية بدقة ٥٠ ميجابكسل؟

أي متابع لمعالجات ديجيك من كانون لاشك أنه يلاحظ مدى التطور السريع لهذه المعالجات، فبنظرة سريعة نجد أن معالج Digic 5 قد زاد في السرعة بمقدار ٦ مرات على معالج Digic4، و أن المعالج التالي ( ديجيك ٥+) قد زاد عليها ٣ مرات، حتى وصلنا إلى المعالج الأخير و هو ديجيك ٦ الذي وصلت سرعته إلى ٥٠ ضعفاً على معالج ديجيك٤ (الموجود في ٧دي الإصدار الأول). السؤال هو ما الذي يمكن لمعالج ديجيك ٦ عمله؟ و هل بإمكانه تحقيق المعادلة ٥ صورة بدقة ٥٠ ميجابكسل في الثانية؟

للحصول على جواب تقديري لهذه المسألة، لنلق نظرة على كانون ١دي إكس، فهي تستخدم وحدتي معالجة من طراز ديجيك ٦، و بواسطتهما تتمكن الكاميرا من تحقيق ١٤ صورة في الثانية بدقة ١٨ ميجابكسل، و هو ما يعني قدرة هاتين الوحدتين على معالجة ما يعادل 253.4 ميجابكسل في الثانية الواحدة (١٨.١ ميجابكسل ضرب ١٤). لنطبق هذا الرقم على معطيات الكاميرا الجديدة. نحتاج لعمل ذلك أن نقسم ٢٥٣.٤ على ٥٠ ميجابكسل. الناتج هو ٥ صور في الثانية، و هو نفس الرقم المذكور في المواصفات المسربة. هل هذه مصادفة؟ لا نعتقد ذلك.

معالج الصور في الكاميرا:

كما بيننا، فإن كاميرا بهذه المواصفات، لا بد أن تحتوي على قدرة معالجة فائقة، و على خلاف بعض المواصفات المسربة التي تذكر بأن الكاميرا ستتوفر بمعالج واحد من طراز ديجيك ٦، فإننا نتوقع أن تأتي الكاميرا الجديدة بمعالجين من هذا الطراز، حتى يمكنها تلبية الطاقة الكبيرة التي تحتاجها ال٥٠ ميجابكسل.

هل ستتوفر بنمط فيديو 4K؟

كاميرا بكل هذه الامكانيات لن تكون كاملة إذا لم يتوفر فيها تصوير فيديو بدقة 4K، و هذا محتمل ، و لعل المتابعين لحظوا تخفيض كاميرا كانون الوحيدة التي تستطيع تصوير الفيديو بهذه الدقة (كانون ١دي سي)، و ذلك بمقدار كبير هو ٤٠٠٠ دولار، و هذا التخفيض عادة ما يسبق طرح الموديل الذي يليه، فإما أن كانون تنوي طرح الموديل التالي لل١دي سي، أو أنها تنوي طرح موديل آخر يسد مكانه بطريقة أو بأخرى، و نجد أن الكاميرا المرتقبة قد تكون هي الجواب لذلك، فمثلما افتتحت الكانون الفيديو بكاميرتها ٥دي مارك ٢، لا يستبعد أن تعيد هذه الفئة إلى صدارة كاميرتها التي تستطيع تصوير الفيديو.

لكن قد تتوفر هذه الدقة في الفيديو في النسخ عالية ذات ال٥٠ ميجابكسل، بل قد يتم إضافتها في ال٥دي مارك ٤، لأن كانون يبدو أنها لا تريد فعل ذلك حالياً، و لعل عدم إضافة هذه الميزة إلى ال٧دي الجديدة دليل على ذلك، خصوصاً و أن كانون تنتج كاميرات سينمائية قد يتأثر سوقها بطرح ال4K في الكاميرات الفوتغرافية ذات التكلفة المنخفضة مقارنة بالكاميرات السنمائية. لذا نعتقد أن كانون لن تقدم لنا دقة 4K في الفيديو هذه المرة، و قد نرى ذلك في ال٥دي مارك ٤، و الوقت وحده كفيل بالتأكيد على ذلك.

وضعية الكروب (Crop Mode)

ميزة “الكروب مود” هي ميزة موجودة  و مطبقة في كامرات نيكون منذ مدة، و لعل ارتفاع الميجابكسل في كاميرات النيكون الحديثة قد أسهم في انجاح هذه الميزة، و الآن و إذا تم إصدار كاميرا بدقة عالية مثل ٥٠ ميجابكسل، فإنها ستكون فرصة ممتازة لتقديم هذه الميزة لمستخدمي الكانون. مستخدموا كانون أنفسهم معتادون على نمطين للكروب و هما ١.٣ (من فئة ال١دي المتوقف إنتاجها) و الكروب ١.٦، الذي لا يزال مستخدماً لحد اليوم في كاميرات الكروب من كانون، استخدام نفس أنماط القطع هذه في الكاميرا القادمة يعني أن مستخدمي كانون لن يحتاجوا ليعتادوا على أمر جديد، فمستخدم الكانون عندما يمسك عدسة ٢٤ مثلاً فمن السهولة عليه بمكان أن يتخيل زاوية الرؤية لهذه العدسة حتى قبل أن يركبها على كاميرته الفل فريم او الكروب فريم، لذا نعتقد أن أنماط القطع هذه في غاية المنطقية بالنسبة للكانون.

لكن كم ستكون الدقة عند تطبيق أنماط القطع هذه؟ نستطيع حساب ذلك بعملية رياضية بسيطة. عند تطبيق معامل القطع ١.٣ ستكون الدقة ٣٠ ميجابكسل تقريباً (٥٠ ميجابكسل ÷ ١.٦٩)، أما عند تطبيق معامل القطع ١.٦ ميجابكسل فإن الدقة ستكون في حدود ٢٠ ميجابكسل (٥٠ ميجابكسل ÷ ٢.٥٦).

بالطبع في حالة تطبيق هذه الخاصية في الكاميرا الجديدة، ليس المتوقع أن يعني ذلك امكانية استخدام عدسة الكروب من كانون (عدسات EF-S)، و لذلك لسبب بسيط، و هو أن هذه العدسات يدخل جزء منها إلى داخل الكاميرا، و هو ما يتعارض مع المرآة (المرآة أكبر في كاميرات الفل فريم). أما عدسات الكروب من شركات الطرف الثالث مثل السيجما و التامرون، فسيمكن الاستفادة منها من دون مشاكل، خصوصاً في نمط القطع ١.٦.

مع رفع الميجابكسل تتصاعد تحديات أمام الكاميرا، فبعض المصورين يريدونها من دون فلتر AA، ليحصلوا على التفاصيل الكاملة التي يمكن للسنسر التقاطها. كما أن هناك من لا يستطيع الاستغناء عن هذا الفلتر للتخلص من التشوهات اللونية التي تحدثها الخطوط المتوازية في الملابس أو التشكيلات و الزخارف. و هذا التحدي هو نفس التحدي الذي واجهته النيكون عند اطلاقها لكاميرتها المميزة دي٨٠٠، و هنا نعتقد أن كانون ستتخذ نفس الطريق بطرح اصدارتين واحدة بالفلتر و الأخرى بدونه.

لكن ستتبقى ثغرة ستحتاج الكانون لسدها، فهي لم تطور ال٥دي مارك٣ و ترفع من سرعتها في التصوير المتتابع لتتراجع عن ذلك، كما أننا لا نعتقد بأنها ستضحي بأداء الآيزو المعروف عن هذه الكاميرا. لهذا السبب نتوقع أن يكون هناك موديل جديد يخلف ال٥دي مارك ٣، سيطلق عليها ٥دي مارك٤. قد لا يصدر هذا الموديل مع الموديلين السابقين، إلا أن سيصدر حتماً، قد يحافظ على ال٢٢ ميجابكسل أو قد يرفعهم قليلاً إلى ٢٤ ميجابكسل، مع زيادة في سرعة الصور في الثانية، نعتقد أنها ستكون في حدود ٧ أو ٨ صور في الثانية.

إذن ستكون هناك ٣ كاميرات قادمة حسب توقعاتنا، و الزمن وحده كفيل بكشف حقيقة ذلك.

السؤال الأصعب: السعر

اعتدنا من كانون أنها تخفض سعر الموديل الحالي تدريجياً، حتى يحين وقت إصدار الموديل الاحدث، فيكون سعر الموديل الأحدث هو نفسه سعر الموديل الأسبق عند طرحه. ٥دي مارك٣ عند طرحها كان سعرها ٣٥٠٠ دولار تقريباً، فهل ستكون ال٥دي ذات ال٥٠ ميجابكسل بسعر ٣٥٠٠ دولار أول طرحها؟

الموضوع مختلف هنا، فهذه الكاميرا لن تكون بديل ال٥دي مارك ٣، بل ستكون أشبه بفئة جديدة أعلى منها. بديل ال٥دي مارك ٣ سيكون النسخة الثالثة ذات الميجابكسل المنخفض نوعاً ما الذي ذكرنا قبل قليل، و المصمم لكي يكون ذا اداء آيزو أعلى و سرعة تصوير متتابع اكبر. هذا الموديل يتوقع أن يتم تسميته ٥دي مارك ٤، و نتوقع له أن يكون بسعر ٣٥٠٠ أول طرحه.

أما الموديل ذا الميجابكسل العادي بإصداريه بالفلتر و بدون فبالتأكيد ستكون بسعر أعلى بحكم ارتفاع الدقة و لا ننسى أنها تأتي بمعالجين بدل واحد، إضافة إلى إحتمالية دعمها لتصوير الفيديو بدقة 4K. كل هذه المعطيات تدفعنا للقول بأن سعرها سيكون أعلى من ٣٥٠٠ دولار (سعر ال٥دي مارك ٤ المرتقبة)، و في نفس الوقت أخفض من ٦٥٠٠ دولار للكانون ١دي اكس. لو حسبنها منتصف المسافة بين السعرين فسيكون السعر في حدود ٥٠٠٠ دولار، لكننا نرجح أن يكون السعر في حدود ٤٠٠٠ دولار كبداية.