ينظر المصورون الفوتغرافيون أول ما ينظرون إلى أي عدسة إلى فتحتها، ففتحة العدسة هي سر من أسرار التصوير الفوتغرافي، في هذا المقال نلقي نظرة فاحصة على فتحة العدسة و ما لها من علاقة مع جوانب عدة من فن التصوير و جودة الصورة.
الفتحة المثالية للعدسة:
تختلف العدسات في امكانياتها، و لعل الحدة من اهم تلك الإمكانيات. هناك عدسات (خاصة العدسات الحديثة جداً و المرتفعة المستوى) تستطيع ضمان اعلى درجات الحدة عند اوسع فتحة، و تكون الزيادة في الحدة قليلة مع تضييق الفتحة. إلا أن أغلب العدسات الموجودة في السوق حالياً لا تعطي أداءها الأمثل في الحدة عند أوسع فتحاتها، بل تحتاج لتضييقها بمقدار وقفتين أو ربما ثلاث وقفات حتى تصل لأفضل حدة ممكنة. و يعتقد البعض أنه يمكنهم الحصول على مزيد من الحدة بتضييق الفتحة اكثر فأكثر، و قد يصلون بالفتحة إلى فتحات ضيقة كفتحة f16 أو f22، و هذا يعد فهماً مغلوطاً لوظيفة فتحة العدسة. فعند فتحة f11 فما فوق، تبدأ في التسلل للصورة ظاهرة بصرية مزعجة تسمى “Diffraction”، و هذه الظاهرة تؤدي إلى انخفاض كبير في جودة الصورة عموماً و في حدتها خصوصاً.
صورة توضح ظاهر الديفراكشن عند فتحة f22
عمق الميدان:
لعل من البديهي عند المصورين أن عمق الميدان يتم التحكم به من خلال أمور عدة، لعل أبرزها فتحة العدسة. عمق الميدان يسمح لنا بتحديد العناصر في الصورة التي تقع ضمن نطاق الفوكس، و بالتالي تكون تفاصيلها واضحة (لكن ليس بالضرورة حادة)، فتضييق الفتحة كثيراً سيؤدي إلى هبوط مستوى الحدة إلى أدنى المستويات، رغم أننا سنتمكن من جعل عناصر اكثر داخل نطاق التركيز. عندما نتكلم عن الحدة فإن هدفنا ليس بالضرورة أن تكون كامل الصورة داخل نطاق التركيز، و إنما ما نعنيه بالحدة هو أن يكون العنصر (أو العناصر) التي صوبنا عليها نقاط الفوكس حاداً و بارز التفاصيل. لذلك فتضييق الفتحة ليس الحل الوحيد، إذ بيننا في المحور السابق أن تضييق الفتحة اكثر من اللازم سيقضي على الحدة و جودة الصورة. إذن ما العمل في حال الحاجة لعمق ميدان فائق الاتساع كما هو الحال في تصوير المناظر الطبيعية؟ دائماً هناك خيار أفضل، و الخيار الأفضل هنا هو استخدام تقنية الهايبرفوكال، و هي تسمح باستخدام فتحة عدسة واسعة نوعاً ما مع تحديد مسافة فوكس يدوياً و فتحة محسوبة رياضياً للحصول على منطقة شاسعة من الفوكس، و يمكن ان نفرد لهذه التقنية موضوعاً منفصلاً في القريب العاجل.
باستخدام تقنية الهايبرفوكال يمكن زيادة عمق الميدان بدون تضييق فتحة العدسة
حدة العدسة من الزاوية للزاوية:
تصوير حائط من الطابوق هو من اسهل و اوثق اختبارات الحدة من الزاوية للزاوية
من اهم ما يبحث عنه المصورون المحترفون هو التأكد من حدة الصورة التي تمتد من الزاوية إلى الزاوية، لكن يجب أن نفرق بين هذه الميزة و عمق الميدان، فلاختبار حدة العدسة من الزاوية للزاوية، يتم تصوير جدار من الطابوق بحيث تكون الكاميرا موازية للجدار بشكل كامل و العدسة عمودية عليه. و الهدف من ذلك هو أن تكون كل اطراف الجدار على مسافة شبه متساوية من الكاميرا، و بحيث يمكن ان يكون الجدار كله تقريباً داخل نطاق التركيز حتى عند استخدام اوسع الفتحات الشائعة، و يمكن حينئد التأكد من حدة العدسة من الزاوية للزاوية، بعض العدسات تكون حادة من الزاوية للزاوية من اوسع فتحاتها، و بعضها تحتاج للتضييق وقفتين او ثلاث او ربما اكثر، و بعض العدسات ستصل إلى نطاق الفتحات التي تسبب ظاهرة الديفراكشن دون أن تتمكن من جعل كامل الصورة حادة.