مع إطلاقة كل إصدار من آيفون يحتدم النقاش حول الجهاز الأقوى في السوق، فهناك من يدعي أن الآيفون هو الجهاز الأعلى أداءاً بين أقرانه، و هناك من توصله الأرقام الموجودة في جداول المواصفات إلى أن الآيفون جهاز ضعيف المواصفات منخفض الأداء. فمن من الطرفين على حق؟ في هذه المقالة نسلط الضوء على معالج A10 Fusion في آيفون ٧ و نقارنه بأشهر المعالجات المنافسة له، لنتعرف على سر معالج و أبل و تفوقه في الاحتبارات.
المعالجات المتنافسة:
معالج A10 Fusion من أبل (هاتفا iPhone 7 / 7 Plus):
- عدد الأنوية: ٤
- تردد المعالج: ٢.٣٤ جيجاهرتز
- تقنية التصنيع: ١٦ نانومتر
- الذاكرة رام: ٢ جيجابايت (آيفون٧) أو ٣ جيجابايت (آيفون٧ بلاس)
معالج Snapdragon 821 من كوالكوم
- عدد الأنوية: ٤
- تردد المعالج: نواتان ٢.٤ جيجاهرتز و نواتان ٢.٠ جيجاهرتز
- تقنية التصنيع: ١٤ نانومتر
- الذاكرة رام: ٦ جيجابايت
معالج Exynos 8890 من سامسونغ (هاتف S7 Edge)
- عدد الأنوية: ٨
- تردد المعالج: ٤ أنوية ٢.٣ جيجاهرتز و ٤ أنوية ١.٦ جيجاهرتز
- تقنية التصنيع: ١٤ نانومتر
- الذاكرة رام: ٤ جيجابايت
معالج Helio X25 من MediaTek (هاتف Meizu Pro 6)
- عدد الأنوية: ١٠
- تردد المعالج: نواتان ٢.٥ جيجاهرتز و ٤ أنوية ٢.٠ جيجاهرتز و ٤ أنوية ١.٤ جيجاهرتز
- تقنية التصنيع: ٢٠ نانومتر
- الذاكرة رام: ٤ جيجابايت
لو نظرنا إلى المعالجات كأرقام و كعدد أنوية و ترددات، فإننا سنميل حتماً إلى معالج Helio X25 العشاري النواة، و كذلك معالج سامسونغ Exynos 8890 الثماني النواة، و سيكون آخر ما ننظر إليه المعالجات رباعية النواة من أبل و كوالكم. لكن هل سيكون حكمنا صحيحاً؟ لنتاكد من ذلك ينبغي علينا اختبار هذه المعالجات و أجبارها على إظهار أفضل ما لديها، ثم لنحكم بعد ذلك.
اختبار Geekbench 4:
يقوم اختبار Geekbench باختبار منظومة المعالج و الذاكرة، و يضعها تحت الضغط و ذلك بإعطاء المعالج عمليات معقدة و واقعية و كذلك تنفيذ تطبيقات واقعية كالتي نستخدمها في حياتنا اليومية. و يدفع هذا الاختبار المعالج لإستخدام كامل قوته، و بالتالي فإن المقارنة التي يمكن أن نقوم بها عن طريق هذا الاختبار هي أقرب ما يمكن للواقع.
و بسبب اعتماد المعالجات الحديثة على تعدد الأنوية لتلبية احتياجات تعدد المهام و التطبيقات المعقدة، فإن اختبار Geekbench يقيس أداء النواة الواحدة و أداء المعالج بكامل أنويته. فلنق نظرة على النتائج:
كما هو واضح من النتائج فإن معالج Exynos من سامسونغ يأتي في المرتبة الأولى في الأنوية المتعدد، و بفارق بسيط يأتي بعده معالج A10 Fusion. لكن في اختبار أداء النواة الواحدة فإن معالج A10 Fusion يتفوق بفارق واضح، و يأتي بعدهما معالجا Helio X25 و Snapdragon 821.
ما يلفت النظر في هذا الاختبار هو التفوق اللافت لمعالج A10 Fusion في اختبار النواة الواحدة، و هذا يدل على نقطة هامة جداً. التصميم (أو المعمارية) يلعب دوراً هاماً في اداء المعالج، و من الواضح أن أبل تفوقت بشكل كبير في تصميم معالجها لتحصل على أداء عال جداً من كل نواة في المعالج. باقي المعالجات أخذت نهجاً آخر يقوم على زيادة عدد الأنوية و رفع التردد لتعويض فارق قوة التصميم بينها و بين أبل.
في الاستخدام المعتاد فإن أداء النواة الواحدة هو الأهم، فليست جميع التطبيقات تستطيع الاستفادة من جميع الأنوية في وقت واحد. كما أن هناك مخاطرة من زيادة عدد الأنوية مع الترددات العالية، فهذا قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى عدم ثبات الأداء. زيادة تعقيد المعالج ترفع حرارته، و يبقى الحل دائماً في تخفيض تردد المعالج تقليل أدائه للمحافظة على بقاء المعالج في نطاق الحرارة الذي صمم له. هذا الأمر هو أحد الأسباب التي تفسر تفوق الآيفون في الكثير من التجارب، فعند تعرض المعالج للضغط و ارتفاع الحرارة يكون الخيار تخفيض تردده و بالتالي سرعته، و هذا ما يحصل مع المعالجات التي تنافس معالجات أبل.
نظرة أقرب على معالج A10 Fusion:
كما هي العادة، فإن أبل تتكتم على المعلومات التقنية الدقيقة لمنتجاتها، و هذا هو الحال بالضبط مع معالج A10 Fusion، فالشركة لا تعلن إلا عن نسب التفوق على المعالجات السابقة مع قليل من المعلومات العامة جداً. لذا فإن الكثير من المختصين يقومون بالأبحاث لمحاولة التعرف على باقي المعلومات.
موقع Chipworks الشهير كان من أكثر من يهمهم التعرف على المعالج الجديد، فقاموا بدراسة المعالج، و كعادتهم قاموا بالتقاط صورة مكبرة لرقاقة المعالج محاولين اكتشاف المزيد حوله.
لم يكن من السهل التعرف على اقسام المعالج، لكنهم حاولوا قدر الامكان استنتاج ذلك، و يظهر ذلك الصورة أعلاه. يستخدم المعالج تقنية Big-Little، و هي تقنية ليست جديدة على معالجات معمارية ARM، فمعالجات سامسونغ و سناب دراجون تستخدمها أيضاً. التقنية تعتمد على تقسيم أنوية المعالج إلى قسمين: أنوية عالية الأداء مستهلكة للطاقة و أنوية منخفضة الأداء منخفضة الاستهلاك، و يتم توزيع المهام المطلوب انجازها إلى القسم المناسب حسب تعقيد هذه المهام، فعندما يقوم المستخدم بأداء مهام بسيطة كالتصفح، فإن الأنوية عالية الأداء تخلد للراحة لتقوم الأنوية منخفضة الأداء بالمهمة، فيوفر الجهاز الطاقة دون أن يحس المستخدم بأي تدني في الأداء، أما عندما يقوم المستخدم بأعمال تتطلب طاقة معالجة عالية كالألعاب مثلاً فإن الأنوية عالية الأداء تهب من سباتها لتبدأ في العمل.
برامج الاختبارات (و كذلك المعلومات المتوفرة) تشير إلى أن معالجات ARM (معالجات سامسونغ و سناب دراجون و غيرها) تقوم بتشغيل جميع الأنوية (منخفضة و عالية الأداء) في وقت واحد في حال زاد الضغط على المعالج، و هذا ما يحصل في برامج الاختبارات و الألعاب، و هذا سلاح ذو حدين، لأن المعالج سيعطي أداءه الأقصى، لكنه في نفس الوقت لن يستطيع الصمود على هذه الحال لمدة طويلة، إذ أن الحرارة سترتفع و بعد وقت قصير سيجد المعالج نفسه مضطراً لتخفيض تردده أو حتى إيقاف عمل بعض الأنوية للمحافظة على الحرارة ضمن النطاق المناسب.
في المقابل فإن أبل ذكرت في مؤتمر الإعلان عن آيفون٧ (بشكل ليس صريح تماماً) أن معالجها مختلف. بدءاً من التسمية، فإضافة كلمة “Fusion” لها مدلول خاص عند أبل. لنفهم المقصود من هذا لنعد للوراء إلى وقت إعلان أبل عن أول الأجهزة المحتوية للأقراص الصلبة Fusion Drive. في ذلك الوقت كانت تقنية Hybrid Drive موجودة و هي أقراص صلبة عادية مزودة بذواكر SSD لتعزيز الأداء. أبل قامت بإعادة تقديم هذا المبدأ و لكن بشكل مختلف و بنتائج تتفوق بشكل كبير. نفس الفكرة مع معالج A10 Fusion، فتقنية Big-Little موجودة منذ فترة و تستخدمها العديد من المعالجات، لكن أبل قدمتها بشكل مختلف تماماً.
حسب المعلومات التي ذكرتها أبل، فإن المعالج يحتوي على ٤ أنوية، لكن الحقيقة أنه لا يعمل بأكثر من نواتين في وقت واحد، فعند الضغط يستخدم النواتين عاليتي الأداء، و عند تنفيذ المهام البسيطة يكون العمل كله في النواتين منخفضتي الأداء. لنتأكد من أن معالج أبل لا يزال يعمل كنواتين فقط، لننظر لهذه الأرقام:
بنظرة سريعة لهذا الجدول، نجد أن الزيادة الحاصلة في الأنوية المتعددة للمعالج A10 Fusion في آيفون٧ هي في حدود الزيادة الحاصلة في إصدارات آيفون السابقة، و هي جميعها ثنائية النواة. هذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ما ذكرته أبل في مؤتمرها دقيق، فعلى خلاف باقي معالجات معماية ARM التي تستخدمها الهواتف الأخرى، فإن معالج آيفون٧ يعمل كمعالج ثنائي النواة طوال الوقت.
و نظرة فاحصة لاختبار Geekbench تكشف لنا سراً آخر من أسرار معالج أبل، فمعالج أبل هو أشبه بمعالجين منفصلين. و هذا يعني فصل أكبر بين النواتين عاليتي الأداء و النواتين منخفضتي الأداء، بما يصب في النهاية في مصلحة التحكم أكثر بالأداء و الاستهلاك. لذلك نرى أن معالج أبل يظهر كمعالجين في الاختبار، بينما تظهر كافة المعالجات الأخرى كمعالج واحد يحوي كل الأنوية.
اختبار Antutu:
اختبار Antutu هو اختبار شامل، يقيس أداء المعالج و الذاكرة رام و الجرافيكس. العمليات التي يقيسها هذا الاختبار شاملة و معقدة و تدفع أي معالج إلى أقصى طاقته. لنلق نظرة على النتائج:
مرة أخرى يتكرر لدينا نفس السيناريو، فرغم كون جميع المعالجات تتفوق على معالج A10 Fusion من أبل كأرقام، إلا أن الأداء العمل لا يعترف بأرقام المواصفات، بل بأرقام الأداء. مرة أخرى تثبت أبل أنها صاحبة التصميم الأكثر كفاءة من بين جميع المنافسين.
الخلاصة:
ارقام الموصفات مهمة، و ينبغي النظر إليها في بداية تقييم أي منتج يطرح في السوق، لكن أرقام الأداء هي العنصر الأهم في تقييم أي منتج. ينبغي أن ننظر إلى قوة أداء المنتج عند الاستخدام، إذ أن كثير من الشركات تقوم بتسويق منتجاتها على أساس أرقام قد تكون لا تمثل أداءه في الاستخدام الواقعي.
كمواصفات يبدو معالج A10 Fusion من أبل بأنه المعالج الأضعف بين جميع المعالجات، خصوصاً إذا علمنا أنه يعمل كمعالج ثنائي النواة طوال الوقت، في مقابل معالجات وصل عدد أنويتها إلى ١٠، لكن في الاستخدام الواقع- بل و حتى في مختلف برامج اختبارات الأداء- فإن معالج أبل يثبت نفسه كمعالج لا يقهر.