تحتل كاميرا هاتفي سامسونغ إس٩ و إس٩ بلاس المرتبة الأولى بين كاميرات الهواتف الذكية، و يبدو أن سامسونغ قد وضعت جهداً كبيراً لتصل إلى هذه الغاية، و لعل المتتبعين لمؤتمر سامسونغ الخاص بالإعلان عن هذين الهاتفين قد لاحظ أن سامسونغ كانت قد أعطت الكاميرا التركيز الأكبر في إعلانها التشويقي لهذين الهاتفين. في هذا المقال نلقي بعض الضوء على الكاميرا الجديدة للهاتفين الجديدين، و سنتعرض كذلك لميزة فتحة العدسة الثنائية، و التي تفردت سامسونغ بها من بين باقي مصنعي الهواتف الذكية.
السنسر:
استخدمت سامسونغ شريحة سنسر جديدة كلياً، و قد حرصت على أن تنتجها بنفسها و بأعلى المقاييس التي تسمح بها المساحة المتاحة في الهواتف الذكية. السنسر الجديد (S5k2L3)، يأتي بمقاس 1/2.5 بوصة، و هو مقاس جيد الحجم بالنسبة لهاتف ذكي. و نود التأكيد هنا على أهمية اختيار الحجم بعناية، فكلما زاد حجم السنسر كلما تطلب الأمر عدسة أكبر، مما يزيد السمك الإجمالي للجهاز. ما أرادات سامسونغ تحقيقه هنا هو المعادلة الأنسب للحصول على أكبر سنسر ممكن استخدامه في هاتف بسمك لا يتعدى ٨مم.
فلنطلع على بعض الأرقام الهامة عن هذا السنسر. يبلغ قطر السنسر كما ذكرنا 1/2.5 بوصة، و هو ما يعادل ٧.٠٦مم، و بعملية حسابية بسيطة نجد أن معدل القطع (الكروب) قياساً بكاميرا فل فريم احترافية هو ٦.١×. هذا يعني أن سنسر كاميرات الفل الفريم أكبر بمقدار ٣٧ مرة تقريباً، و بالتالي فإن الكاميرات الاحترافية من فئة الفل فريم يمكنها جمع ٣٧ مرة ضعف كمية الإضاءة التي تجمعها كاميرا إس٩. هذا يعني أن هاتف إس عند أقل حساسية آيسو (٦٤)، تنتج صورة مقاربة لكاميرات الفل فريم عند آيسو ٢٥٠٠. و من المتوقع في هذه الحالة أن يعمل نظام التقليل من التشويش (Noise Reduction) حتى عند استخدام أقل آيسو ممكن في ضوء النهار. نظام التقليل من التشويش يعمل على تقليل التحبب في الصور على مرحلتين: تطبيق نسبة من التنعيم (blur) تزيد مع ارتفاع الآيسو، ثم تطبيق مؤثر الحدة لاستعادة التفاصيل التي طمسها المؤثر الأول. و يترتب على هذا الأمر نقاط سنتعرض لها لاحقاً.
يتميز السنسر الجديد بدمج ٢ جيجابايت من ذاكرة DRAM على السنسر نفسه، و هو ما يسمح بتخزين كمية كبيرة من البيانات في السنسر، ريثما يتم نقلها للمعالجة. هذا التقنية الجديدة سمحت للسنسر الجديد بالوصول إلى عدد إطارات كبير (في الفيديو) يصل إلى ٩٦٠ إطاراً في الثانية، و ذلك عند استخدام دقة 720p. لكن التصوير بهذه السرعة لن يستمر أكثر من ٠.٢ ثانية، أي أن الكاميرا ستصور مقطع فيديو بسرعة ٩٦٠ إطاراً في الثانية، لكن الفيديو الناتج سيحتوي على ١٩٢ إطاراً، و لو عرضنا هذا الفيديو بالسرعة الطبيعية (٢٥ إطاراً في الثانية) فسيتكون لدينا مقطع يزيد طوله قليلاً عن السبع ثوانٍ. التحدي هو كيفية التصوير في الوقت المناسب إذا علمنا أن الكاميرا لا تستطيع التصوير بهذه السرعة لأكثر من ٠.٢ ثانية، فكان لابد من سامسونغ أن تعثر على حل، و كان الحل على شكل نظام يقوم ببدء التصوير تلقائياً بمجرد الاحساس بالحركة.
نظام الفوكس:
منذ سنوات و سامسونغ تستخدم تقنية Dual Pixel و ذلك بالاتفاق مع كانون صاحبة حقوق هذه التقنية، و نظام Dual Pixel هو نظام فوكس غني عن التعريف، و يضمن سرعة و دقة فوكس عاليتين، سواء في تصوير الفيديو أو الصور الفوتغرافية الثابتة. حيث ينقسم كل بكسل على السنسر إلى قسمين، و باحتساب الاختلاف في البيانات التي يعطيها كل من هذين القسمين يمكن احتساب مسافة و اتجاه الفوكس، تماماً كما يعمل نظام Phase Detection الموجود في الكاميرات الاحترافية.
العدسة:
تعطي العدسة للكاميرا الرئيسية زاوية واسعة تبلغ ٧٧ درجة و ذلك بحسب الأرقام التي نشرتها سامسونغ. و هذه الزواية تعادل عدسة احترافية بطول ٢٦مم تقريباً. و بقسمة هذا الرقم على معامل القطع، نجد أن الطول الحقيقي للعدسة المستخدمة في الهاتف هو ٤.٢٦مم.
أما فتحة العدسة فهي متغيرة بين f1.5 و f2.4. و بحساب مقاس الفتحة الحقيقي مقارنة بالكاميرات الاحترافية، فإننا نجد أن الفتحة f1.5 تعادل f9.0، أما الفتحة الأضيق f2.4 فإنها تعادل f14.0 تقريباً. و بهذا فإننا لا نتوقع من عدسة بطول ٤.٢٦مم و فتحة تعادل ٩ أن تنتج أي عزل في الخلفية إلا في صورة الماكرو (أو بالأحرى الكلوس أب) و مقدار العزل سيكون طفيفاً. و هذا هو السبب في اتجاه شركات الهواتف إلى استخدام عزل الخلفية عن طريق الذكاء الاصطناعي، و حتى بهذه الطريقة لم يصل أي هاتف إلى نتيجة توازي الكاميرات الاحترافية، لكن كاميرات الهواتف لازالت في تطور مستمر على هذا المضمار.
أما الكاميرا الثانية المتوفرة فقط في إس٩ بلاس، فإنها- بحسب سامسونغ- تأتي بعدسة مقربة بمقدار ٢× و فتحة f2.4. في الواقع فإن العدسة المستخدمة في هذه الكاميرا لا تملك ضعف تقريب الكاميرا الرئيسية. حصلت سامسونغ على ما مجموعه ٢× من التقريب عبر آليتين، فما هي هاتان الآليتان:
استخدمت سامسونغ في الكاميرا الثانية سنسر أصغر (بمقاس 1/3.6)، و لو احتسبنا الفارق بين مقاس السنسرين لوجدنا أن السنسر ذي العدسة الواسعة الزاوية أكبر بمقدار ١.٤×. بمعنى آخر أن هناك معامل قطع يبلغ ١.٤× بين السنسرين. كذلك استخدمت سامسونغ في الكاميرا الثانية (ذات التقريب ٢×) عدسة أطول بمقدار ١.٤× تقريباً (٤.٢٦مم×١.٤= ٥.٩٦مم). الناتج من معامل قطع السنسر و زيادة طول العدسة هو تقريب ٢×.
لكن لماذا لم تسخدم سامسونغ نفس مقاس السنسر (بدون معامل قطع) و مع عدسة ٢× حقيقية؟ الجواب هو أن العدسة اللازمة ستكون ٨.٥٢مم (٤.٢٦مم×٢)، و هذا ما سيتطلب كاميرا أكبر حجماً و بالتالي لن تكون هناك مساحة لهذه الكاميرا في الهاتف.
ماذا تقدم العدسة من إمكانيات؟
أكبر ميزة للعدسة الجديدة من سامسونغ هو فتحتها السريعة f1.5، فعند مقارنتها بما يستخدمه أغلب المصورين، و هي فتحة f2.8 فإننا نجد أن فتحة العدسة إس٩ تقدم حوالي وقفتين (٤ أضعاف الإضاءة) على ما تقدمه عدسة f2.8 على الكاميرات الاحترافية، و إذا وضعنا في الاعتبار مثبت الاهتزاز المتوفر في كاميرا إس٩، فإن ذلك سيمكننا في التقاط مشاهد ليلية ثابتة بشكل مقارب للكاميرات الاحترافية، و هي ميزة تستحق الإشادة بلاشك.
لماذا فتحة العدسة المزدوجة:
يستخدم المصورون فتحة العدسة للتحكم في أمور عدة. ففتحة العدسة تستخدم للتحكم في كمية الإضاءة المتجهة إلى السنسر. و أيضاً تستخدم الفتحة للتحكم في مقدار عزل الخلفية. و أخيراً و ليس آخراً يمكن لفتحة العدسة التحكم في مقدار الحدة و التفاصيل، فلكل عدسة ذات فتحات متعددة فتحة مثالية تصل فيها الحدة إلى ذروتها، فإلام هدفت سامسونغ من توفير فتحة عدسة مزدوجة (f1.5 و f2.4)؟
قد يكون هدف سامسونغ من فتحة العدسة المزدوجة هو التحكم في كمية الإضاءة، لكن إذا نظرنا إلى الهاتف السابق من سامسونغ و هو إس٨ فسنجد أن كان يستخدم فتحة f1.7، الفارق بين f1.7 في إس٨ و f1.5 في الهاتف الجديد لا يتجاوز ثلث وقفة، و لم تكن لدى إس٨ أية مشكلة في الإضاءة النهارية العالية، حيث يمكن للهاتف استخدام قيم آيسو منخفضة تصل إلى ٦٤، كما يستخدم الهاتف غالق الكتروني يسمح له بالوصول إلى سرعات عالية، و نفس هذا الأمر ينطبق على إس٩، إذن ففتحة العدسة المزدوجة لن تقدم أي ميزة إضافة من ناحية ضبط الإضاءة في النهار.
إذن ربما يكون السبب هو التحكم في العزل. لكننا ذكرنا في الأسطر السابقة أن فتحة f1.5 تعادل فتحة f9.0 في الكاميرات الاحترافية، أي أن عزل الخلفية سيكون محدوداً في الصور العادية ما عدا الصور المأخوذة من مسافة قريبة، أما العزل الذي نراه في نماذج الصور العادية للهاتف فهو عزل مصطنع و ليس حقيقي، فلا يمكن لعدسة بهذه المواصفات إنتاج عزل واضح كما تفعل الكاميرات الاحترافية.
بقي لدينا الاحتمال الثالث و هو الحصول على حدة أكبر مع تضييق الفتحة ما أمكننا ذلك في حال توافر الإضاءة المناسبة كما في النهار. و الحقيقة أنه نظرياً لن يكون هناك فرق واضح بين الفتحتين، خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار أنهما تعادلان f9 و f14، فالفتحتان ضيقتان بما فيه الكفاية للحصول على تفاصيل جيدة، قد يكون هناك فارق لكنه بالتأكيد لن يكون كبيراً، و ذلك لسببين: الأول أن المقاس الحقيقي للفتحتين صغير، و الآخر هو ما ذكرناه سابقاً أن حجم السنسر يفرض استخداماً لتقنيات التقليل من التشويش و هو ما يقلل الفارق أكثر و أكثر في الحدة بين الفتحتين، حتى و إن كان هذا الفارق موجوداً فعلاً.
و قد قامت قناة C4ETech على اليوتيوب بتجربة الفارق بين فتحتي العدسة التي يوفرها الهاتف. نترككم مع نماذج من التجربة:
الخلاصة:
ميزة التحكم في كامل مكونات مثلث التعريض في كاميرا هاتف هو حلم كل مصور. سابقاً كانت الهواتف التي تمنحنا التحكم اليدوي بإعدادت الكاميرا، تعطينا تحكماً في ضلعين من مثلث التعريض (الغالق و الآيسو)، و مع طرح هاتفي إس٩ و إس٩ بلاس فإن سامسونغ قدمت فتحاً في هذا المجال و إن كان التحكم في فتحة العدسة مقتصر على قيمتين فقط.
و مع كون التحكم في فتحة العدسة ميزة جديدة و ممتعة لهواة التصوير، إلا أن الحدود الفيزيائية لكاميرا الهاتفين الجديدين جعلت من تطبيق هذه التقنية ذات فائدة محدودة، لكن تبقى هذه الخطوة حركة جريئة لتقديم المزيد من المميزات الجديدة لكاميرات الهواتف و الدفع بكاميرات الهواتف إلى المزيد من التطور، و شركة سامسونغ تستحق التقدير على ما قدمته من جديد، و الذي توجته بتصدر هاتفها إس٩ بلاس اختبار DXO Mark.