كانت أجهزة الكمبيوتر في بداياتها (الثمانينات و بداية التسعينات) ضعيفة، و كانت البرمجيات تصمم لتتلائم مع إمكانيات تلك الأجهزة. و سعت الشركات العاملة في مجال الكمبيوتر، و بالخصوص شركة إنتل على تطوير الأجهزة و زيادة سرعتها، و كان ذلك يتم وفق قانون مور، و مع تطور أداء الأجهزة تقوم الشركة المطورة للبرامج بتحسين برمجياتها و الاستفادة من الإمكانيات الجديدة للأجهزة و معالجاتها. و النتيجة أن الأجهزة كان تتقادم بسرعة هائلة، بحيث يتحول الكمبيوتر خلال عام أو عامين ققط إلى جهاز عديم الفائدة. و في حال أراد المستخدم تطوير جهازه، فقد كان عليه استبدال اللوحة الأم و المعالج، و كان ذلك مكلفاً جداً، و كان يمكن لمثل هذه الترقية أن تتجاوز حاجز ١٠٠٠ دولار بكل بكل سهولة.
لذا حرصت إنتل على توفير خيارات اقتصادية للترقية و ذلك دون الحاجة لتبديل اللوحة الأم، و يعتمد ذلك على توفير نسخة من أحدث معالجاتها و لكن مع الحفاظ على إمكانية تركيبه في اللوحات الأم الأقدم، و كان ذلك يتطلب أن يكون المعالج المخصص للترقية بنفس عدد أبر المعالج القديم. لكن لذلك ضريبته بالتأكيد، ففي حالة كانت اللوحات الأم الجديدة توفر مواصفات أعلى من القديمة فإن هذه الطريقة ستتسبب في فقدان المعالج الجديد العديد من خصائصه و مزاياه، و مع ذلك كانت هذه المعالجات توفر دفعة جيدة في الأداء.
معالجات X87 تضيف وحدة الفاصلة العائمة (المعالج الرياضي المساعد) للمعالجات التي تفتقده
و قد أطلقت إنتل العديد من معالجات الترقية لكنها لم تشتهر كثيراً، مثل معالجات X87 التي كانت تضيف المعالج الرياضي في الأنظمة التي تفتقد وجوده. و كذلك معالجات RapidCad، و أيضاً أطلقت إنتل بطاقة تحمل معالجاً من نوع ٣٨٦ لترقية الأجهزة القديمة و إعادة الحياة إليها.
بداية معالجات Intel Overdrive:
إعلان تشويقي من انتل
كما أسلفنا فرغم أن إنتل بذلت جهوداً لتسويق معالجات الترقية التي كانت تنتجها، إلا أنها لم تحظ بالانتشار المأمول، لذل فكرت شركة إنتل في البدء بحملة تسويقية جديدة مع استخدام اسم جذاب لمعالجات الترقية الجديدة التي كانت تنوي إطلاقها.
رتبت إنتل مع مصنعي الأجهزة أن يضيفوا مقبساً إضافياً للترقية
بدأت إنتل حملتها الإعلانية في بدايات عام ١٩٩٢م، و قد استهدفت إنتل معالجات 486 SX و هي الفئة الاقتصادية من معالجات ٤٨٦، و كانت (على عكس معالجات 486 DX) تفتقد للمعالج الرياضي. و قد رتبت إنتل مسبقاً مع مصنعي الأجهزة لتوفير مقبس خالٍ على اللوحة الأم مخصص لمعالجات الترقية.
معالج Intel DX2 Overdrive كان يستفيد من تقنية مضاعفة التردد
شهدت تلك الفترة ظهور تقنية مضاعفة تردد الساعة، و قد تمثل ذلك في معالجات 486 DX2، التي تتواصل مع اللوحة الأم بتردد ٣٣ ميجاهيرتز، بينما تعمد داخلياً بتردد ٦٦ مجاهيرتز. و كان هناك إصداران آخران يعملان بنفس هذه التقنية و لكن بالترددين ٥٠ و ٤٠ ميجاهيرتز. و لضمان مضاعفة الأداء بشكل حقيقي، قامت إنتل بتزويد معالجات Overdrive بذاكرة كاس من المستوى الأول مقدارها ٨ كيلوبايت لتعوض عن بطء اللوحة الأم و ذاكرة الجهاز الرئيسية.
كل ما قامت به إنتل هو توفير المعالج DX2 نفسه لترقية أجهزة SX، و ذلك بعد الترتيب لتوفير المقبس اللازم لذلك مسبقاً، فكانت المعالجات بالتردد ٢٠ ميجاهيرتز تتحول إلى ٤٠ ميجاهيرتز، بينما تتحول معالجات ٢٥ و ٣٣ ميجاهيرتز إلى ٥٠ و ٦٦ ميجاهيرتز على الترتيب. كانت المسألة سهلة بالنسبة لشركة إنتل و جنت منها الكثير من الأموال، فقد كان سعر هذه المعالجات يبدأ من ٥٥٠ دولار، و قد كان هذا السعر صفقة بالنسبة للمستخدم.
إعلان آخر لترويج معالجات Overdrive التي تحل محل المعالج الأصلي بدون الحاجة لمقبس إضافي
كانت هناك نسختان من معالج Overdrive، النسخة الأولى تتطلب تثبيتها في المقبس الإضافي، و كان عدد الأبر ١٦٩ إبرة، و قد تم تخصيص الإبرة الأخيرة كمفتاح لتعطيل المعالج القديم في اللوحة الأم. أم النسخة الثانية فقد كانت بنفس عدد إبر المعالج الأصلي (١٦٨ إبرة)، و كانت تستهدف استبدال المعالج الأصلي و إحلال معالج Overdrive محله.
معالجات Intel DX2 Overdrive كانت الأكثر رواجاً في ذلك الوقت، و ليس أدل على ذلك من سهولة الحصول عليها في موقع ebay في الوقت الحاضر، و بأسعار جيدة.
معالج Overdrive DX4:
تم إطلاق هذا المعالج في أواخر عام ١٩٩٤م، و هو -كسابقه- يستفيد من تقنية مضاعفة التردد، لكن هذه المضاعفة هذه المرة ٣ أَضعاف التردد الأصلي بدلاً من ضعفيه، و بذلك يمكن ترقية معالجات ٢٥ ميجاهيرتز إلى ٧٥ ميجاهيرتز، أما معالجات ٣٣ ميجاهيرتز فقد أمكنها التحليق لتردد ١٠٠ ميجاهيرتز.
صورة تبين محول الفولتية للمعالج DX4
لكن كان هناك تحدٍ أمام هذه المعالجات، فمعالجات ٤٨٦ بالترددين ٢٥ و ٣٣ ميجاهيرتز كانت تعمل على ٥ فولت من الطاقة، أما معالجات الترقية فقد كانت تعمل على ٣.٤٥ فولت، لذا فعند تركيب معالج DX4 عادي في مكان المعالج القديم فإنه سيحترق حتماً، لهذا فقد ضمنت إنتل معالج Overdrive محولاً يضبط التيار الكهربائي و يعطي المعالج الفولتية التي يحتاجها.
الجيل الثاني: Intel Pentium Overdrive:
جاءت معالجات بنتيوم في عام ١٩٩٤م، و قد جلبت معها نقلة نوعية في الأداء، و ذلك بفضل المعمارية فائقة التدرج و تقنية توقع التفرعات، لذا قررت إنتل توفير معالجات بينتيوم مخصصة لترقية أنظمة ٤٨٦. و قد اختارت إنتل لهذه المعالجات الاسم Pentium Overdrive.
أحد معالجات Pentium Overdrive المخصصة لترقية أنظمة ٤٨٦
كان التحدي أكبر هذه المرة، فالمعالج بينتيوم هو من معالجات الجيل الخامس، و يتطلب هذه المعالج لوحة أم بمواصفات متطورة قياساً بأنظمة ٤٨٦. كان ناقل النظام في معالجات بنتيوم ٥٠ أو ٦٠ أو ٦٦ ميجاهيرتز، بينما كان أسرع ناقل في أنظمة ٤٨٦ هو ٥٠ ميجاهيرتز (في حالة معالج DX 50)، و هذا المعالج كان قليل الانتشار، و كانت الغالبية العظمى من أنظمة ٤٨٦ تعتمد ناقلاً بتردد ما بين ٢٥ إلى ٣٣ ميجاهيرتز.
كان معالج Pentium Overdrive عبارة معالج بينتيوم قياسي، و لكن مع تعديلات كبيرة ليمكن تركيب المعالج في لوحة أم مخصصة في الأساس لمعالجات ٤٨٦، و بذلك فهو يعمل داخلياً كمعالج بينتيوم لكنها يتواصل مع اللوحة الأم كمعالج ٤٨٦.
أطلقت إنتل نسختين من هذا المعالج، و اعتمدت معامل مضاعفة التردد ٢.٥. و بذلك فكانت النسخة المخصصة للمعالج ذي التردد ٢٥ ميجاهيرتز تحوله إلى بنتيوم بتردد ٦٣ ميجاهيرتز (٢٥ x ٢.٥)، أما النسخة الثانية فكانت تحول معالج ٣٣ ميجاهيرتز إلى ٨٣ ميجاهيرتز (٣٣ x ٢.٥). مؤشرات الأداء كانت أقل من معالجات بينتيوم، لكن مع ذلك كان فارق الأداء ملحوظاً خصوصاً عند استخدام تطبيقات تستفيد من وحدة الفاصلة العائمة.
كان المعالج يتضمن محولاً للفولتية و ذلك لأن معالج Pentium Overdrive يتطلب فولتية أقل من معالجات ٤٨٦. و كان يقدم نقلة نوعية في الأداء لمعالجات ٤٨٦ بتردد ٢٥ و ٣٣ ميجاهيرتز، أما المعالجات الأسرع و على الخصوص معالجات DX4 بتردد ١٠٠ ميجاهيرتز فلم يكن فارق الأداء البسيط يستحق العناء.
معالجات Pentium Overdrive لترقية معالج بنتيوم:
لم تكن معالج ٤٨٦ وحدها من يحتاج للترقية، فالنسخ الأولى من معالجات بينتيوم كانت بترددات منخفضة نوعاً ما (٦٠ و ٦٦ ميجاهيرتز). مشكلة هذه المعالجات أنها كانت تتطلب ٥ فولت من الطاقة، و كانت تستخدم مقبساً أطلقت عليه إنتل اسم مقبس ٥. المعالجات التي تلت ذلك انتقلت إلى مقبس ٧ و أصبحت تعمل ب٣.٣ فولت فقط.
تضمنت هذه المعالجات محولاً للفولتية، و كانت تعمل بتقنية مضاعفة التردد، و بذلك يزيد التردد من ٦٠ ميجاهيرتز إلى ١٢٠ ميجاهيرتز أو من ٦٦ ميجاهيرتز إلى ١٣٣ ميجاهيرتز. و قد كان فارق الأداء جيداً، لأن معالج Pentium Overdrive هو معالج بينتيوم حقيقي، فقط مع إضافة محول الفولتية.
معالجات بنتيوم٦٠ و ٦٦ ميجاهيرتز لم تكن وحدها التي استفادت من معالجات Pentium Overdrive، فاللوحات الأم في بداية عهد بينتيوم لم تكن تسمح بمضاعفة التردد أكثر من مرتين، لذلك أصبح تردد ١٣٣ هو أقصى تردد يمكن الوصول إليه، لذا قامت إنتل بإنتاج معالجات Pentium Overdrive لتخطي هذا الحاجز، فقد سمحت هذه المعالج بالوصول التردد إلى ١٦٦ ميجاهيرتز. و قد كانت هذه الترقية موجهة لمعالجات بينتيوم بالترددات ٧٥ و ٩٠ و ١٠٠ و ١٢٠ و ١٣٣ ميجاهيرتز.
معالجات Pentium Overdrive مع تقنية MMX:
ظهرت معالجات Pentium MMX في العام ١٩٩٧م، و قد تميزت هذه المعالجات بدعم ٥٧ تعليمة جديدة موجهة لتحسين تجربة الوسائط المتعددة، و كذلك دعمتها إنتل بمضاعفة الذاكرة كاش من المستوى الأول من ١٦ كيلوبايت إلى ٣٢ كيلوبايت، كما رفعت إنتل التردد الأعلى في هذه المعالجات إلى ٢٣٣ ميجاهيرتز.
و رغم أن معالجات Pentium MMX كانت متوافقة مع معالجات بينتيوم السابقة من ناحية المقبس (مقبس ٧)، إلا أنها كانت تعمل بفولتية مزدوجة، فهي تتعامل خارجياً بفولتية ٣.٣ فولت، لكنها تعمل داخلياً على ٢.٨ فولت. كان هذا السبب الذي منع تشغيل هذه المعالجات الجديدة على اللوحات الأم القديمة. و لهذا السبب فقد صنعت انتل نسخة من معالجات Pentium MMX مزودة بمحول للفولتية، و قد أطلقت إنتل على هذه المعالجات اسم Intel Pentium Overdrive MMX، و كان أعلى تردد لهذه المعالجات هو ٢٠٠ ميجاهيرتز.
الجيل الثالث: Intel PentiumII Overdrive:
أطلقت إنتل معالجات Pentium II عام ١٩٩٨م، و قد شكل نقلة نوعية بالنسبة لإنتل، فأقوى معالجاتها قبل تلك الفترة كانت معالجات بينتيوم برو الموجهة للمزودات و محطات العمل، كان معالج بينتيوم برو أول معالج ينقل الذاكرة كاش من المستوى الثاني من على اللوحة الأم و ناقلها البطئ إلى داخل رقاقة المعالج لتعمل هذه الذاكرة بكامل سرعة المعالج لأول مرة. كان ينقص المعالج بنتيوم برو شيئان فقط و هما دعم برامج ١٦بت و تقنية MMX، و هذا ما حصل في معالج Pentium II.
معالج Pentium II Overdrive للمقبس ٨
تم إطلاق معالجات بينتيوم برو في أواخر عام ١٩٩٥م، و مع حلول عام ١٩٩٨ أًصبحت هذه المعالجات قديمة، و تفوقت معالجات Pentium II عليها بفضل تردد الساعة و التحسينات الأخرى، لذا فكرت إنتل أن تطرح نسخة ترقية لهذه المعالجات بحيث يمكن إعطاؤها حياة جديدة بدون الحاجة لتبديل اللوحة الأم. تم تسمية معالجات الترقية هذه Intel Pentium II Overdrive، و قد تم تصميمه ليمكن تركيبه في المقبس ٨، أي أن كل ما على المستخدم عمله هو إزالة المعالج القديم و تركيب المعالج الجديد.
تحت المبدد الحراري و المروحة توجد نواة معالج من طراز بينتوم٢ (يسار)، و ٥١٢ كيلوبايت ذاكرة كاش (يمين)
معالج Pentium II Overdrive هو بالضرورة نواة معالج Pentium II و إلى جانبها ٥١٢ كيلوبايت من الذاكرة كاش من المستوى الثاني تعمل بكامل تردد المعالج. النتيجة أن هذا المعالج في الحقيقة هو معالج Pentium II Xeon و ليس Pentium II القياسي، و لا غرابة في ذلك فمعالج مصمم للمزودات و محطات العمل مثل بينتيوم برو يجب أن تكون ترقيته لمعالج من نفس الفئة.
صندوق معالج Pentium II Overdrive و يظهر عليها الترددان ٣٠٠ و ٣٣٣ ميجاهيرتز
معالجات Pentium II Overdrive تعمل بترددين هما ٣٠٠ و ٣٣٣ ميجاهيرتز، و التردد النهائي يعتمد على تردد الناقل الأمامي في المعالج الأصلي، فالمعالجات التي تعمل على ناقل ٦٠ ميجاهيرتز يصبح ترددها بعد الترقية ٣٠٠ ميجاهيرتز، أما المعالجات العاملة على ناقل بتردد ٦٦ ميجاهيرتز فترددها بعد الترقية تصبح ٣٣٣ ميجاهيرتز، و هذا راجع إلى أن معالج الترقية مغلق على معامل ضرب ٥. و كل ما يحدث عند تركيب المعالج هو أن المعالج يأخذ تردد الناقل الأمامي و يضربها في ٥ فينتج التردد الذي ينبغي للمعالج العمل عليه.
جاء المعالج Intel Pentium II Overdrive متأخراً و ذلك لأنه في وقت طرحه كانت معالجات Pentium II قد وصلت إلى التردد ٤٥٠ ميجاهيرتز، و فوق ذلك فإن تكلفة معالج الترقية كانت مرتفعة. و قد أدركت انتل حينها أن معالجات Overdrive لم تعد تستحق العناء، فهي تحتاج إلى جهد هندسي كبير في تصميمها، و تكلفتها النهائية عالية. الأجيال التالية مع اللوحات الأم أصبحت تدعم معالجات أكثر و قابليتها للترقية أصبحت أكبر من ذي قبل، و حتى أجهزة الكمبيوتر أصبح أداؤها أعلى، و يمكن للمستخدم استعمالها فترة أطول قبل الحاجة للترقية. كل هذه الظروف جعلت إنتل تقرر أن توقف سلسلة معالجات Overdrive.